إنّنا لا نَـسْـعَـدُ بممارسة الْجنس!
كتقديم: إنّنا لا نَـسْـعَـدُ بممارسة الْجنس بقدر ما يُـسْـعِـدُنـا الاستماع للآهات والصّرخات، أو الاستمتاع بلفظها من جوفنا المحترق. لقد كان الإنسان في أطواره الأولى الّتي لم يعرف فيها اللّغة، ناطقاً بالإشارات والصّيحات العشوائيّة والمنسجمة في ترادفها لاحقاً.
كتقديم: إنّنا لا نَـسْـعَـدُ بممارسة الْجنس بقدر ما يُـسْـعِـدُنـا الاستماع للآهات والصّرخات، أو الاستمتاع بلفظها من جوفنا المحترق. لقد كان الإنسان في أطواره الأولى الّتي لم يعرف فيها اللّغة، ناطقاً بالإشارات والصّيحات العشوائيّة والمنسجمة في ترادفها لاحقاً.
وما أكثر تلك الإشارات الّتي صحِبتنا حتّى يومنا هذا، دون دِرايةٍ منّا، نحن البشر المتطوّرين طَوْرَاً تِـلْـوَ الآخر، إن كان عقليّاً، أو حضاريّاً، أو جِسمانيّاً! إنّك لَــتَـسْـعَـدُ أشدَّ السعادة بالأغنية الحادّة في أنغامها وتناغماتها. وما أغنيتك المفضّلة إلّا طريقةً كان يسلُكها أجدادك في التّحاور في ما بينهم، كتجمّعٍ بشريٍّ قائمٍ بذاته. ومن الطَّريف أن يكون الإسعاد مشتملاً على معنى المواساة والمشاركة في الأحزان.
فها هو عنترتنا، اقتباساً من إحدى أشهر قصائده، يناجي طائر البان أنْ “أْسْـعِـدْنِـيْ على حَـزَنِـيْ”: وهو ما نهت عنه بعض الأديان ولا سيّما الإسلام؛ لأنّه كان من العادات الْجاهليّة غير المحمودة، على الرّغم من اختزان العادات المتوارَثة بعضاً منها. إنّ تحريك المشاعر، أو إيقاظها من سُبات الماضي، في الأغنيات، ما هو إلّا نداءً آتٍ من الماضي نفسه يدعونا إلى الكمال، كمال معرفتنا لماهية وجودنا وحقيقته. فستجد اليوم أكبر الفنّانين والفنّانات يُـطْـرِبُـونَ الأسماع بتغنّيهم اشتراكاً معَ مُـغَـنٍّ، أو مطربةٍ، آخرَ يخالفهم في اللّغة، هذا في المَقام الأوّل، ويُستحسَن أن تكون لغةً خاملةَ الذِّكر.
وما إن تجد نفسك مرتاحاً لهذا الكلام غير المفهوم، حتّى تصيح معَه، بكلّ جوارحك، صياح الإنسان القديم. وفي عودتنا إلى علاقة الأديان بكلّ ما سبق، فإنّ المانترا، الّتي هي أقرب ما يكون إلى الذِّكر أو التّسبيح، بلفظ الْجلالة والتَّكرار ستعيدنا إلى ما كنّا عليه، وستخلعُ عنّا قميص الْجسد، حتّى لَترى نفسك في خِفّة الطّائر، أو ريشة الطّائر. وهنا لي أن أشير بأنّ عديد الكلمات الّتي تجعلنا نُـحِسُّ بطبيعتنا، من مثل: (اللّٰه، Gad، سبحان، Hallelujah – Alleluia، أووم، إلخ)، تخبّئ في مقطعها الأخير صيحةً خافتة، لا بدّ لك من أن تجعلها جليلةً أثناء انفعالاتك السّعيدة المرفرفة، أو الحزينة الهابطة، أو النّاقمة، أو تلك الّتي في طبعها نقل الارتياح إليك. إنّ المانترا نفسها، سنسكريتيّة الأصل، في الحضارة الهنديّة، تعني تحرير الرّوح أو العقل، أو أداة العقل.