مطلّقة
مُطَلَّقَةٌ، وفي صميمِ الحشا مُحيطاتُ الكلام وألفُ ربابةٍ تجذِّفُ بالنّدى صمتَ الطّريقِ
مُطَلَّقَةٌ
وفي صميمِ الحشا مُحيطاتُ الكلام
وألفُ ربابةٍ تجذِّفُ بالنّدى صمتَ الطّريقِ
وتحفِرُ أعمقَ من شلّالٍ
أساليبَ الهواءِ الأُمِيِّ،
الكونُ مثل سوقٍ، السّرابُ سِلعتُها
والنّاسُ كالأوهام، كحكايتنا التي
بيننا يمزِّقُها الفراغُ كلّما ذهبتَ أنتَ وذهبتُ أنا،
وفي كلّ هذا الذّهاب، وحدي مطلّقةٌ
في كلّ هذا الضّباب بصمةٌ ستمطرُ على الجبينِ المؤنّثِ
فيُقالُ أينما ولّتْ حُلمَها، مُطَلَّقَة
وقفتُ على نَصٍّ دون كناياتٍ، تحدّثُني العيونُ المشفقاتُ عن تاريخِ أجنحتي
فأراني سيرةً بيضاءَ أُهبتُها الأملُ الصّغيرُ
يا ذنبي الكبير..
وتقولُ عيونُهم كيف هذي الحمامةُ أُفلِتَتْ
من أيِّ مِخلَبٍ نُتِفَتْ أرياشُ حُلَّتِها، هذي الحمامةُ كيف يطيرُ هواءٌ دونَ قُبلتِها
كيف السّماءُ تبلّلُها، كيف الشّمسُ تحرقُها، كيف البردُ يقطفُها؟
مطلّقةٌ
تردّدُ جوقةُ الحِجارَة، والشّرطةُ، وخشبُ المحكمةِ وغِربانُ الدّفاعِ
والمطرقةُ، وعينا القاضية، وأصابعُ الكاتبة وسُعال المُسنّين
وهمساتٌ في كلّ اتّجاه
وأشجار الهجوم المصطفّة في وعيدٍ حولَ كلّ مكانٍ يَصلحُ للفِرار
مطلّقةٌ..
من أينَ السّبيلُ نحو الغروب
كيف يُنادَى اللّيلُ ليُخفي بعضَ عُريِ هذا الحُبِّ الذي ماتَ
ولم يُدفَنْ كريما، وحُنِّطَ في وسمي
مطلّقةٌ
أنا عاد اسمي
ولم يُصبكَ لطخٌ من لون الرّماد.. وحدي أنا عنوانُ ما فاتَ
وحيثُماكَ تَغزِلُني بعينيكَ رِتاجًا للسُّؤالِ
تحُجُّني فأتعرّى مِنْ “مرحبا” حتّى “انتهينا”
يُهروِلُ في خاطرةِ الرّواقِ الرّنينُ، أزيزُ الطّائراتِ
ولؤمُ الألبومات التي تجمعُ قصّتَنا
ثمّ مشيتُ في شارعِ ركضتِنا الأولى، الإسفلتُ عُمري والذّكريات
لا صفةً لوجهي، بين السّباباتِ مُعفّرةٌ في عبثٍ مَهيبْ.
في ذاكَ الصّباحِ وحدي دونَ خير
لا أدريني كما لا تَدريني الأجوبةُ
وقال لي حارسُ المبنى العظيم: ابنتي هاكِ اشربي
وأنا لا أدري أين فمي.
من مياهٍ لا تسري إلّا في أجوافِ
مطلّقاتٍ صغيرات،
سأشربُ حتّى تثملَ الحسرات، يا عمّي الحاج
فثمّة بقاعٌ في الرّوح تموتُ بالماء
حيث الأشياءُ التي كانت تعنينا جدّا، وقتلناها بالعفو
ترادفَتْ حتى جاوَزتِ العددَ المسموحَ به لقبيلةِ الصّبر
وعقلي شيخٌ عنيدٌ من سُلالةِ القرارِ النّهائيّ!
مطلّقةٌ وجعبةُ الضُّحى ملأى بالأشعّةِ التي ستَفتحُ أكثرَ
صورةَ الأخطاءِ الأولى
ومُطْلَقَةٌ، كالضِّفافِ
مُمتدَّةٌ عنِ الأقواسِ والقابِ
فلا تتبَعني ودعني أواجهُ أعدَلَ الألقابِ
كما واجهتْ جدّتي الأولى قهرَ أرملة..