الثابت والمتحول في تراث أستاذ الأجيال عبد السلام ياسين
التربية تكتسي أهمية قصوى في “المنهاج النبوي” ولها الأسبقية والأولوية من حيث الأهمية والترتيب، ويأتي بعدها التعليم والدعوة والتنظيم.. أي الخلاص الفردي ثم يليه الخلاص الجماعي؛ فالأول أساس الثاني ومقدم عليه.
ثوابت المجال التربوي
التربية تكتسي أهمية قصوى في “المنهاج النبوي” ولها الأسبقية والأولوية من حيث الأهمية والترتيب، ويأتي بعدها التعليم والدعوة والتنظيم.. أي الخلاص الفردي ثم يليه الخلاص الجماعي؛ فالأول أساس الثاني ومقدم عليه.
أولوية التربية في المنهاج النبوي تتضح من خلال المساحة المخصصة لها في تراث المرحوم كتبا وأقوالا.. بالإضافة إلى لازمة تتكرر دوما مفادها: “التربية ثم التربية ثم التربية”.
يقول المرشد معبرا عن أولوية التربية:
” الواجهة الأولى في الجهاد هي واجهة التربية. نعني تربية الإيمان بمفهومه اقتحاما للعقبة وبكل شعبه. التربية أولا ووسطا وآخرا، ولا آخر، ودائما “(1)
الخصال العشر
“الخصال العشر” بمثابة العمود الفقري للمنهاج النبوي بشكل عام وللتربية على وجه الخصوص.
تم اكتشاف “الخصال العشر” من قبل المرحوم سنة 1971، تاريخ صدور كتاب: “الإسلام بين الدعوة والدولة”، الحامل ل “الخصال العشر” عرضا وتحليلا.. ثم أعاد نشرها في كتاب: “الإسلام غدا”، وطرحها المرحوم على الحسن الثاني رحمه الله في رسالة: “الإسلام.. أو الطوفان”، عرضا وتحليلا، وأخذت مساحة شاسعة من كتاب: “المنهاج النبوي تربية وتعليما وزحفا”، وطرحها كذلك في بعض كتبه، مثل: “مقدمات في المنهاج”.
يختلف تناولها من حيث العرض والتحليل من كتاب لآخر. فمثلا في كتابه: “الإسلام غدا” تناولها على ضوء: “الأهداف، المقاصد، الغايات” بحيث كل خصلة من الخصال العشر حدد لها هدفها ومقصدها وغايتها. وفي كتاب: “المنهاج النبوي..” تناول كل خصلة تربية وتنظيما.
وهذا التنوع والتحول ينم عن حركية ذهنية المرحوم؛ كونه دائم المراجعة والاستدراك والتعديل والتجديد..؛ المرحوم كان حركيا على الدوام غير جامد!
الخصال العشر هي كالتالي:
” الصحبة والجماعة، الذكر، الصدق، البذل، العلم، العمل، السمت الحسن، التؤدة، الاقتصاد، الجهاد. كل خصلة تم تناولها تربية وتنظيما كما سبق ذكره..
أمهات الخصال العشر
” في الخصال العشر أمهات ثلاث هي: الصحبة والجماعة، والذكر، والصدق. والسبعة الباقية مظاهر تطبيقية لمن جمع الخصال الثلاث الأمهات، واقتحم الصعوبات الثلاث المقابلة لهن. فالخصلة الأولى من الخصال العشر تقابل طاغوت الأنانية الفردية، والخصلة الثانية تقابل طاغوت العقل، والثالثة تقابل طاغوت العادة “(2).
وفي كتاب: “المنهاج النبوي..” أطلق على تلك الخصال الثلاث: “شروط التربية”؛ بحيث لا تستقيم التربية إلا ب: الصحبة والجماعة، والذكر، والصدق”.
شعب الإيمان:
تندرج تحت كل خصلة من الخصال العشر شعب يختلف عددها من خصلة لأخرى..
قال المرحوم متحدثا عن الشعب:
” كنت جمعت بحمد الله تعالى وحسن عونه، في كتاب (المنهاج النبوي) شعب الإيمان سبعا وسبعين شعبة. تأسيت في ذلك بصنيع علماء الحديث الذين ألفوا في الموضوع، أشهرهم الإمامان البيهقي والحليمي. وكنت قسمت هذه الشعب عشر فئات، في كل فئة شعب تتناسب فيما بينها، وتكون مجالا تربويا سلوكيا. فكأن الخصال العشر مراحل على الطريق، ومراحل صعود في العقبة “(3).
عدد الشعب حصرها المرحوم في سبع وسبعين شعبة، تم تقسيمها على الخصال كالتالي:
“الصحبة والجماعة11، الذكر13، الصدق10، البذل5، العلم6، العمل7، السمت الحسن7، التؤدة8، الاقتصاد3، الجهاد6 “(4).
اعتمد المرحوم في تقسيمه الخصال العشر إلى شعب على الحديث الذي رواه الشيخان وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
” الإيمان بضع وسبعون شعبة-عند البخاري بضع وستون- (زاد مسلم): أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان “(5).
سبق للمرحوم أن توسع في جمع أحاديث شعب الإيمان بحيث أصبح عدد الأحاديث بالمئات جمعها في كتاب (جزءان): “شعب الإيمان”، صدر بعد وفاته سنة: 2017.
المراجع:
-1، عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، ص383.
-2، عبد السلام ياسين، ص44.
-3، عبد السلام ياسين، مقدمات في المنهاج، ص76.
-4، عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، ص137 وما بعدها..
-5، م س، ص35.