هل الطاعة أمر راسخ في عقيدة المسيحيين الألمان؟
قابلت صديقتي الصحفية شتيفاني كراوتز، ألمانية من أصول صربية، في مدينة كتبس. من على بعد قرابة المترين جلسنا في حديقة منزلها وتحدثنا عن سرعة مضى خمس سنوات منذ تعرفنا على بعض. كانت شتيفاني في حالة تجلي روحاني وكشفت لي عن مدى تدينها
قابلت صديقتي الصحفية شتيفاني كراوتز، ألمانية من أصول صربية، في مدينة كتبس. من على بعد قرابة المترين جلسنا في حديقة منزلها وتحدثنا عن سرعة مضى خمس سنوات منذ تعرفنا على بعض. كانت شتيفاني في حالة تجلي روحاني وكشفت لي عن مدى تدينها، ومن أنها صحفية متخصصة في تحرير الشؤون الدينية اللوثرية في جريدة الكنيسة البرلينية Die-Kirche
كما إنها تحرر الصفحة الدينية في Nowy Cadnik وهي جريدة تنطق باللغة الصربية.
تمخض لقائنا الى هذه المقابلة التي بين يديك.
في أول ١٤ سنة من حياتي كنت تحت سيادة ألمانيا الشرقية DDR. تم تعميدي وأنا في عمر الستة أشهر وكنت أرافق جدتي الى الكنيسة. وكان والدي كثيرا ما يحدثني عن أهمية اعتناق الدين، ومن أنه يمتعض من رؤية الهيدين Heiden (غير المؤمنين). لقد نشئت في مثل هذه البيئة. بعد أن حصلت على شهادة الماجستير في التاريخ وجدتني أعمل في مجال الشؤون الدينية كصحفية.
عن ماذا تكتبين؟
أغلب ما أكتب عنه هو ما يخص نشاطات الجماعة اللوثرية. مثلا: متى وأين تقام الصلوات في المدن وفي الريف. ومن هو القس الذي سيقوم بها. كما إنني أتصل بقساوسة وأطلب منهم الكتابة عن موضوع ما يشغل بال جماعة لوثرية تقيم في قرية ما. كما إنني أعمل لقاءات مع مؤمنين من مختلف القرى الألمانية للتحدث عن مواضيع تشغلهم.
مثلا قابلت مسنآ يعيش قلقا يجده من تغير مفهوم السمع والطاعة اللوثري. فهو يقول عندما كنت طفلا طلبت مني الكنيسة السمع والطاعة للدولة بناء على ما ورد في نص الآية: ….َأَجَابَ يَسُوعُ: أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ.. (إنجيل مرقس 12:12-17). أما الآن أصبح النظام غير شمولي وتوجد قرارات عدة ولم أعد أشعر بأني مسيحي مخلص.
سألتها هل ممكن تشرحين مفهوم السمع والطاعة اللوثرية؟
قالت لي أن في الماضي كان الملك البرويسي (Preußischer König) هو عميد الكنيسة اللوثرية. فكان السمع والطاعة للسلطة جزء من السمع والطاعة للكنيسة. لذلك فإن المؤمن يراقب أن يكون مواطننا يعطي ما لقيصر من حقوق ويعطي ما لله من حقوق.
هكذا تمكن اللوثري من أن يفتح حلقة تواصل بين الديني والدنيوي من خلال جعل قيصر يسمح لأهل الدين بمزاولة تدينهم مقابل أن يسمح أهل التدين لأهل الدنيا بمزاولة شؤون دنياهم. كما كانت المدارس الابتدائية في حقبة ما قبل النازية تدرس وتدار من قبل معلمين قساوسة.
الانفصال:
لكن في الفترة النازية انفصلت العلاقة الوطيدة بين السلطة والكنيسة. واستمر هذا الانفصال في حقبة DDR أي ألمانيا الشرقية. ولكن في حقبة DDR ازدادت الهوة بين تعاليم آية ” أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ” حيث أن السلطة أخذت تتجاهل دور الكنيسة شيئا فشيء.
وكردة فعل قامت الكنائس تحت نظام DDR بتوطيد علاقتها مع الكنائس في ألمانيا الغربية BRD.
في تلك الأوقات كانت المدارس تعطينا حرية الاختيار إذا ما كان الطالب يرغب بتلاوة أناشيد المدارس الصباحية المعادية للدين أو بالالتزام بالصمت. كما قام الناس في تلك الفترة بمقاومة تجفيف السلطة لمنابع الدين من خلال القيام بنشاطات دينية في منازلهم. ففي من أراد أن يحافظ على إيمانه قام بممارسة نشاطات دينية داخل المنزل لتقوية مفهوم اللوثرية بين الأباء والأبناء.
لكن علاقة السلطة في زمن ال DDR ازداد تعقيدا مما حفّز القس أوسكار بروسويتز (30 مايو 1929 – 22 أغسطس 1976) وهو قسا وراعيًا لوثريًا في ألمانيا الشرقية من حرق نفسه أمام الناس احتجاجًا على قمع الدين.
تجذر الانفصال:
في الماضي (ما قبل النازية) كان مفهوم الجماعة في القرى الألمانية في مناطق Brandenburg براندنبورغ تعني الكنيسة وتعني النشاط المدني وتعني النشاط السياسي. الآن كل شيء منفصل.
بعد تفكك الجماعة الى جماعة دينية لوثرية، وجماعة مدنية، وجماعة سياسية، أصبح الساسة يملون رغباتهم وأعمدة الجماعة الدينية ينفذونها. خير مثال جامحة وباء كورونا. قساوسة الكنيسة يتلقون تعاليمهم من الجهات التنفيذية السياسية فقام القساوسة بالغاء مراسيم عقد الصلوات تحت سقف الكنائس.
مقالات رائعة وجديرة بالتأمل والقرأة والمراجعات …
شكرا لكم