سياسة الترحيل الجديدة بين الوهم والحقيقة!
تداول الكثير من السوريين في الآونة الاخيرة خبر ترحيل لاجئ سوري من ولاية براندنبورغ إلى سوريا مباشرةً،
بكثير من الخوف والكثير من الشائعات التي تداولها بعض الأشخاص الذي يقومون بترجمة ما تتداوله وسائل الإعلام الألمانية، ولكن بترجمة الخبر فقط بدون معرفة حيثيات الموضوع بشكل كامل.
إعداد: houssm AL Zaher
تداول الكثير من السوريين في الآونة الاخيرة خبر ترحيل لاجئ سوري من ولاية براندنبورغ إلى سوريا مباشرةً،
بكثير من الخوف والكثير من الشائعات التي تداولها بعض الأشخاص الذي يقومون بترجمة ما تتداوله وسائل الإعلام الألمانية، ولكن بترجمة الخبر فقط بدون معرفة حيثيات الموضوع بشكل كامل.
الخبر نشر في 28/3 على أي أير وهو موقع محلي في مدينة كوتبوس وأكد الخبر على ترحيل الشاب السوري 38 سنة بالطائرة إلى دمشق كما يؤكد مسؤول المنطقة سيغورد هاينز (غير حزبي) في بيان صحفي ويشرح فيها أسباب الترحيل مع وصفه لذاك اللاجئ السوري بأنه قنبلة موقوتة وذلك بسبب ما فعله اللاجئ السوري من ترهيب للموظفين مكتب الأجانب حتى تهديد ممرضة بالمقص ورفض الخضوع للعلاج النفسي, حيث يوجد ثلاثة عشر تحقيق ضده بداية من قدومه إلى ألمانيا في 2015.
صُدمت جداً عند قراءتي لهذا الخبر، وتفاجأت ولم أعرف إن كان هذا الخبر صحيح أم عبارة عن خبر مزيف، وذلك بسبب وجود قرار من مؤتمر وزراء خارجية الولايات الألمانية المنعقد في الثلاثين من تشرين الثاني من العام السابق, الذي أقروا فيه على تمديد قرار وقف الترحيل لجميع السوريين حتى المجرمين حتى منتصف هذا العام.
ثانياً عدم وجود طيران مباشر بين سوريا وألمانيا بسبب العقوبات المفروضة على النظام السوري.
وقد حاول وزير داخلية بافاريا( بايرن) اقتراح عملية ترحيل السوريين الذين يشكلون خطراً على المجتمع الألماني ولكن هذا الاقتراح تعرض لنقد كبير من وزارة الخارجية الألمانية على اعتبار سوريا بلد غير آمن.
وأخيراً أكد وزير داخلية الاتحادية سيد سيهوفر على عدم إمكانية ترحيل السوريين بناءً على تقرير من وزارة الخارجية الالمانية عن الحالة الأمنية في سوريا، باعتباره بلد غير آمن للعائدين من الخارج وعن إمكانية التعرض للخطر والتعذيب والاعتقال التعسفي واعتبار سوريا بلد غير آمن ، وتم إقرار تمديد وقف الترحيل إلى سوريا حتى منتصف ٢٠١٩ وانتظار تقرير جديد من وزارة الخارجية الألمانية عن الحالة الأمنية في سورية وإذا لم يكن هناك أي تغيير سيمدد وقف الترحيل تلقائياً حتى نهاية هذه السنة.
وهذا يعني عدم ترحيل أي سوري حتى ولو كان مجرم إلى سوريا باعتبار سوريا بلد غير آمن. ولكن في حال إقرار عملية الترحيل فقط للسوريين المجرمين إلى سوريا في حال تغيّر الحالة الأمنية، وهذا مستبعد في الوقت الحالي بسبب ممارسات الحكومة السورية ضد العائدين إلى سوريا . فهذا القرار لن يتم تطبيقه بسهولة، لأنه في هذه الحالة، يتوجب على الحكومة الألمانية إقرار اتفاقية مع الحكومة السورية من أجل إمكانية تطبيق عملية الترحيل، بدون هذه الاتفاقية لا يمكن تطبيق عملية الترحيل . ومن أجل إقرار هذه الاتفاقية يتوجب على الحكومة الألمانية الاعتراف بالحكومة السورية بقيادة الأسد على اعتبارها حكومة شرعية والحكومة الألمانية غير مستعدة في الوقت الحالي لتقديم هذه الهدية المجانية للرئيس الروسي الذي حاول التوسط من أجل هذا الشيء في زيارته إلى ألمانيا في التاسع عشر من آب من العام الماضي في زيارته إلى برلين.
حيث اقترح بوتين على ألمانيا وأوروبا المساهمة بإعادة إعمار سوريا مقابل تسهيل الحكومة السورية عملية ترحيل السوريين من أوروبا إلى سوريا ، وهذا يعني شرعنة الحكومة السورية الفاقدة للشرعية بالنسبة للاتحاد الأوروبي منذ إغلاق الحكومة الألمانية للسفارة الألمانية في سوريا في العشرين من كانون الثاني عام 2012
ولكن الحكومة الألمانية والإتحاد الأوروبي رفض بشكل قاطع اقتراح بوتين بالمساعدة في إعادة إعمار سوريا بدون التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة السورية.
وهذا يعني عملياً عدم القدرة على القيام بأي عملية ترحيل إلى سوريا دون التوصل إلى صيغة نهائية للأزمة السورية، بتسوية سياسية شاملة لجميع الأطراف المشاركة في الأزمة السورية، وهذا يعني تشكيل حكومة جديدة بمشاركة جميع القوى الفاعلة سواء المعارضة أو الموالية
للحكومة الحالية، وبمشاركة الحكومة الحالية بقيادة الأسد أو ربما بقيادة شخصية جديدة. والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تستخدم الورقة الاقتصادية و أموال إعادة الإعمار من أجل الضغط على الأسد ومن خلفه روسيا بقبول التسوية السياسية وإقرار اتفاقية جنيف للتسوية السياسية الشاملة في سوريا، مع محاولة روسيا الضغط بملف اللاجئين الذي أرهق الحكومات الأوروبية ولكن الجواب على ماذا سيحدث ومتى سؤال صعب يحتاج ربما إلى الكثير من الوقت الذي يمتد لسنين،
إلى ذلك الوقت لن تكون هناك أي عملية ترحيل للاجئين السوريين إلى سوريا .
وبالعودة إلى الخبر عن ترحيل اللاجئ السوري إلى دمشق, بعد يومين من نشر الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي ومع الكم الهائل من الشائعات والتحليلات التي سببت الخوف لدى الكثير من السوريين , فقد صرّح المتحدث باسم وزارة الداخلية في براندنبورغ بأن ما حدث ليس عملية ترحيل ولكنها إعادة طوعية تمت بناء على طلب من اللاجئ السوري نفسه بعد إقناعه بالمشاركة في برنامج العودة الطوعية إلى سوريا مقابل إعطائه مبلغاً من المال، يتكفل بمصاريف إيجار منزل ومصروف جيب لمدة ستة أشهر في سوريا. وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء الألمانية في الخامس والعشرين من شباط من هذا العام فإن 437 سوريا عادوا طوعاً إلى سوريا في السنة الماضية 2018، بعد مشاركتهم في برنامج العودة الطوعية التي يحصل فيه كل لاجئ على الدعم المادي الذي تقدمه الحكومة الألمانية من أجل إقناع اللاجئين بالعودة الطوعية إلى بلدانهم.
وفي بداية شهر شباط من هذه السنة نشرت مجلة أمريكية „Foreign Policy“ تقرير تتحدث فيه عن اختفاء سوري فلسطيني عاد طوعاً من ألمانيا إلى سوريا لأنه لم يستطع إحضار خطيبته إلى ألمانيا، فقرر العودة الطوعية مع مساعدة مالية مقدمة من الحكومة الألمانية للمشاركة في برنامج العودة الطوعية . ووفقاً للتقرير وبناءً على معلومات من أقارب اللاجئ، فقد تم استدعاؤه إلى أحد أجهزة الأمن السورية واختفى هناك. واختفى فلسطيني آخر على الحدود السورية اللبنانية بعد عودته الطوعية إلى سوريا بسبب فشله في جمع الأوراق المطلوبة للم شمل عائلته إليه في ألمانيا. فقرر العودة إلى سوريا واختفى على الحدود السورية اللبنانية.
وهناك فرق كبير بين العودة الطوعية والترحيل القسري.
في النهاية عملية الترحيل للاجئين الذين يشكلون خطر على المجتمع الألماني فقط خاضعة لاعتبارات سياسية وقانونية معقدة لا يمكن أن تحدث بيوم او اثنين . وتحتاج إلى شهور أو سنين.
وبعد قرار بامف , المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين , أولاً بإعطاء السوريين القادمين من مناطق آمنة وثيقة عدم ترحيل، وهذا يعني بأن طلبات لجوئهم غير معترف بها، في ألمانيا بحجة عدم وجود حرب في سوريا، وقالت بامف بأنها قامت بدراسة الحالة الآمنة في سوريا وبناءً على ذلك، أصدرت قراراً بإعطاء اللاجئين السوريين بطاقة عدم ترحيل لأن الأوضاع في سوريا تحسنت، ولا يوجد حرب في كثير من المناطق السورية . قرار بامف قوبل بانتقاد من وزارة الخارجية الالمانية , أولاً لأن بامف ليست الجهة المخولة بالقيام بهذه الدراسات الأمنية لمناطق خارج ألمانيا، ولكن وزرارة الخارجية هي الجهة المخولة بذلك، وهي أصدرت دراساتها عن الحالة الأمنية في سوريا في نهاية السنة الماضية والتي تتحدث فيه عن استمرار خطر الاعتقال أو القتل بالنسبة للسوريين الذين يريدون العودة إلى سوريا.
وفي 27/4 أصدرت بامف قرار بإيقاف مؤقت لدراسة طلبات اللجوء للسوريين حتى يتم النقاش والتواصل مع وزارة الخارجية الالمانية .
وبعد نقاش داخلي بين وزارة الخارجية والداخلية الألمانية والمستشارة الألمانية، أعلن اليوم وزير الداخلية الالمانية سيد سيهوفة حسب ما نشرته جريدة برلين ابينبلات عن عدم وجود أي تغير في الوضع الأمني في سوريا لذلك لا يريد تغيير ر الإجراءات المتبعة في بامف.
وهذا القرار يدل على عدم رغبة الحكومة الالمانية في تغيير سياستها من المسألة السورية بالوقت الراهن وعدم تقبلها واستعدادها لإعطاء الشرعية للاسد.