صرخة أم.. البيت معتم بدونهم، و الحياة موحشة
لن أستطيع وصف شعور إحدى الأمهات حين قالت لي بأنها فقدت الإحساس بأمومتها عندما فقدت أطفالها وأصبحت هي يتيمة من دونهم ، ناطقة بعبارات “البيت معتم بدونهم, و الحياة موحشة” ، تركو حسرة بقلبي لما ودعتهن كأنو روحي طلعت مني، اه القدر كان اقوى منا شو ظل طعمة للحياة من دونهم”.
ضحى الأحمد
ست الحبايب ياحبيبه يا أغلى من روحي و دمي , يا حنينة وكلك طيبة يارب يخليكي يا امي لطالما كانت كلمات هذه الأغنية هي المعبرة عن حبنا لأمهاتنا و التعبير الوجداني البريء في عيدها. من منا لا يرجف قلبه عند سماع هذه الأغنية و يحن إلى حضن أمه حتى لو كانت بجانبه ؟ رائحتها من الجنة وحضنها هو الأمان والدفئ والعطاء، فهل هناك كلمة كافية تشفي بحثنا عن وصف يليق بملاك منحنا الحياة ؟ أذكر دوما عندما كنت صغيرة، كنا نذهب أنا و أمي و أخوتي إلى زيارة جدتي بعيد الأم ، فهو تقليد عائلي لا يمكن أن يتغيب أحد عن حضوره . نحتفل سوياً مع خالاتي و جدتي التي منحتنا الحنان حتى تشربنا العشق لتقبيل يديها المجعدتين . لطالما كنت كثيرة السؤال في صغري حتى سألتها يوما”ماما ليش لازم نحتفل بعيد الام و انتي على طول معانا يعني كل يوم لازم نعمل عيد ” كانت ترد علي قائلة “عملو العيد هاد مشان يلي بعاد عن أمهن يجو يزوروها بهذا اليوم ,بكرا بتكبري يابنتي وبتعرفي معنى الام وليش عملولها عيد” و اليوم كبرنا و قد شاب الشعر و هرم قلبنا باكراً يا أمي. كبرنا و أصبحنا بحاجة إلى حضنك أكثر مما احتجناه من قبل ، فحضنك لا يعرف عمراً مهما كبرت ،لايعرف سوى العطاء . صارت الحياة غربة من غير حضورك و غدت جميع الأماكن دون وجودك أماكن فارغة لا روح فيها ، إلا أننا لا نزال نبحث عن طريقاً للحياة .الكثير من الأمهات في الغربة وجدنَّ باب للإحتفال بعيد الأم حتى وان كان تاريخ الاحتفال يختلف عن تاريخ احتفالهم بعيد الام في بلدنا و لكن ذاكرتنا مرتبطة بأن ٢١ من آذار هو يوم الامومة والام . قد نظم الأغلبية منهم في الغربة ، حفلات تقام على شرف الأمهات تقديراً لهن و مهما بلغ السعي لن نصل لعظمة ما قدمته الأم لكل واحد فينا. تختلف تجهيزات عيد الأم فالبعض يحضر لحفلة و وليمة عشاء يعيدون بها ذكرياتهم و البعض قرر الإحتفال على طريقته ،فمنهم من قال: بفضل إحكي معها صوت وصورة وببعتلها مصاري لانو صعب ابعتلها هدية من هون.
أما صديقتي كان لديها اقتراح آخر: انا رح شوف وحدة من اخواتي وابعتلا مصاري وخليها تعملها حفلة صغير وتجيبلها هدية وتعملها ياها مفاجأة واحكي معاها صوت وصورة كأني انا معهم.
وصديقتي الأخرى كان اختيارها بعدم القيام بشئ حيث كانت وجهة نظرها كالتالي: بما أننا في مكان بعيد حيث الاتصال عبر “الانترنت” لن يغني عن رائحة امي و تقبيل جبينها و للإسف ليس باليد حيلة والحمدلله على كل حال بأن اهلنا لازالو بخير .
لن أستطيع وصف شعور إحدى الأمهات حين قالت لي بأنها فقدت الإحساس بأمومتها عندما فقدت أطفالها وأصبحت هي يتيمة من دونهم ، ناطقة بعبارات “البيت معتم بدونهم, و الحياة موحشة” ، تركو حسرة بقلبي لما ودعتهن كأنو روحي طلعت مني، اه القدر كان اقوى منا شو ظل طعمة للحياة من دونهم”.
لطالما كنت أردد بأن اليتيم من فقد أمه ،لكن اليوم تأكدت بأن الأمهات يتامى بدون أولادهن!! جميع الكلمات لا تستطيع وصف حالة من فقد أمه , فقد رائحتها, حضنها, ضحكتها التي تعيد الروح الى الجسد و صوتها الذي يشعرنا بالحياة ، كل الكلمات تخجل أمام وصف شعور اليتيم . جلّ ما اتمناه هو الرحمة على الأمهات اللواتي لم تفارق ذكراهن اذهان أولادهن ، مهما اختلفت طرق التعبير و اختلفت أماكن اللقاء لكن الحب يبقى ذاته واللهفة ذاتها و مهما كبرنا وتعلمنا وأصبحنا لا نبالي سنبقى بحاجة إليك عند أول مصاب نصاب به مسرعين نلجئ إلى حضنك الحنون لنشعر أننا بخير. كل الحروف لم ولن تنصفها …لتعطيها حقها.
الى كل الامهات كل عام وانتن رمز الأمل والقوى الممنوحة لهذا العالم ، كل عام وانتن الانهر التي لا تجف من العطاء والحب.