هل تعرف قصة المثل غيضٌ من فيض؟
كثيراً ما يستعمل النَّاسُ هذا المثل في حديثهم، ولكنَّ بعضهم يُخطئ فيقلبها، مما يؤدّي إلى إفسادِ معناها وعدم تناسقه مع السياق ومصادمتِه للمراد! فبعض يقول: هذا فيضٌ من غيض، وهذا خطأ .. والصواب أن يقال: هذا غيضٌ من فيض!
لأنَّ كلمة غيض تعني ( قليل ) وكلمة فيض تعني ( كثير ) فيكون معنى الجملة: هذا قليلٌ من كثير، أي هذا بعضٌ من كلّ.
قصة المثل:
يروي أن رجلاً قصد صديق له لحاجة إليه فدخل عليه فرحب به أجمل ترحيب ، وأجلسه إلى جانبه ، وبات ليلته عنده ، وبعد تناول وجبة العشاء جلسا يتسامران.
وفي صباح اليوم التالي أحضر له فطوره وتناولا معاً الطعام، وقبل توديعه، سأله صاحب البيت: أولك حاجة تريد أن أقضيها لك؟
فأجابه: نعم ، لقد اقترضت مبلغاً من المال من أحد المرابين، وقد أثقل كاهلي، واقترب موعد تسليمه، والمبلغ ليس متيسراً عليّ، فسأله صديقه عن حجم المبلغ المديون به،
فأجاب الرجل: مائة دينار، فقام الصديق ودخل البيت، وجلب له مائتي دينار وسلمه إياها.
ففرح الرجل وشكر صديقه، ولما عدَ المبلغ ووجده بهذا القدر،
استغرب وقال: هذا المبلغ أكثر مما طلبته منك، ولا حاجة لي بالمبلغ المتبقي
وبينما هو يعد المبلغ بغرض إرجاع الزائد عن حاجته من المال الذي طلبه، أمسك الصديق بيد الرجل وقال له: أرجعه وضعه في جيبك، فوالله هذا غيض من فيض، أي أن هذا المبلغ الذي أعطيتك إياه، ما هو إلا قليل من كثير، وذهب قوله مثلاً يضرب للكريم الذي ينفق قليلاً من كثير .
ثم اتسع استخدام المثّل فصار يضرب على من يتحدث ويدخل في تفصيلات، ويتشعب في حديثه فيشد المستمعين إليه، مما يدعو إلى استغرابهم على ما يمتلكه من قدرة على الحديث، واتساع في المعلومات ويشار إليه بأن ما يمتلكه هذا المتحدث، ما هو إلا غيض من فيض، تشبيهاً بماء البحر في حالة المّد، فإن ما يخرج منه من ماء، قياساً مع ماءه الحقيقي، ما هو إلا قليل جداً.