هشام نادي فقد الحركة ولكن إرادته جعلته أشهر نجوم السوشيال ميديا
كن فاعلاً طيلة الوقت, حاول وجرب ألف مرة, طالما أنك تنوي الخير لك وللغير, واعلم : أن أفضل شخص فى العالم ليس مَن إستطاع تغيير العالم ولكن هو مَن إستطاع أن يعبر حواجز تحدياته اليومية بنجاح. لا يوجد شخص لا يتعلم وإنما يوجد شخص إختار وسيلة التعلم الخاطئة
إعداد وحوار: ميس مصطفى
هشام نادي شاب عمره 30 عاماً تعرض لحادث أفقده الحركة و لكن إرادته جعلته أشهر نجوم “السوشيال ميديا” لديه صفحة على الفيسبوك اسمها “سليل الفراعنة” تخصصت في تاريخ مصر ويتابعها الآلاف في كل أنحاء العالم . تجاوز مرحلة “كرب ما بعد الصدمة” فى 3 سنوات بفضل الله ومجهود أسرته ،لم يتخيل أن مجرد صفحة أنشأها على الفيسبوك ليقضي بها وقته ستغير حياته وتجعله يساعد آلاف الناس، وخلال فترة قصيرة أصبحت صفحته هذه بمثابة كتالوج عن مصر وتاريخها وحضاراتها، والمفاجأة أن متابعي هشام و كتاباته و فيديوهاته ليسوا مصريين فقط بل من معظم دول العالم تقريبا، فما قصة صفحة “سليل الفراعنة” التى أنشأها هشام وما المحنة العظيمة التي تعرض لها؟ وكيف استطاع أن يحول آلامه إلى أمل و صبر وإرادة ؟
فلنبدأ من المحنة التي خلقت داخلك كل هذا التحدي، ماذا حدث؟!
تلك المحنة أو الابتلاء الحسن كما أقول عليه بدأت منذ 10 سنوات تقريبا عندما تعرضت لحادث عنيف أفقدني القدرة على كل شيء فأنا كنت مثل أي شاب جامعي أدرس وأعمل حتى أساعد نفسى وأعفى أسرتي من مصاريف دراستي ، كان عمري وقتها 20 عاما، وكنت أعمل فى تركيب معدات الحفلات والأفراح مثل الإضاءة والصوت والدي جي وفى يوم 28 أبريل عام 2008 كنت أجهز لحفلة زفاف مما استدعى أن أصعد على عمود كهرباء لتوصيل وحدات إضاءة وفجأة العمود كله تحول لوحدة كهرباء وطبعا لم أحتمل الصدمة وسقطت من عليه ونقلت إلى المستشفى ،أذكر أنني فى هذا اليوم ذهبوا بى إلى 4 مستشفيات رفضت استقبالي لأن الحالة كانت شبه ميئوس منها، ومن هنا بدأت رحلة العلاج والعمليات والجراحات سواء فى العمود الفقري أو الفقرات العنقية للرقبة ثم دخلت فى غيبوبة لفترة وعندما خرجت منها بدأت رحلة الأمل مع العلاج الطبيعي وكلام الأطباء إنني من الممكن أن استطيع المشي بعد شهرين، كلما مر الوقت يقولون لي مازالت أمامنا أشهر أخرى حتى علمت أنني سأبقى هكذا طوال حياتي ولم يعد أمامي أي حل إلا الرضى بقضاء الله والأمر الواقع.
وهل تقبلت الأمر بسهولة؟
طبعا تعرضت لحالة نفسية سيئة جدا خاصة بعدما أصبحت بمفردي فأغلب أصدقائي انشغلوا بحياتهم ولم يعد يأتي أي أحد لزيارتي إلا نادرا، بالإضافة إلى أننى تعرضت لأمراض أخرى بسبب عدم الحركة من الفراش لدرجة أنني كنت أتحاشى ان يراني أحد لمدة 6 سنوات تقريبا خجلا من الحالة التي وصلت إليها ولكنى بمجرد ما بدأت أستوعب أن تلك هي حياتي الجديدة قررت ألا أستسلم لها وكان أول نتيجة لهذا القرار هو استكمال دراستي.
أتصور أنك لم تستطع أن تتجاوز تلك المحنة الصعبة دون دعم نفسي.. فمن الذي قدمه لك؟ أسرتي واخواتى ولكن تبقى والدتي صاحبة الفضل الأكبر فأنا لا أستطيع أن أحرك يدى على وجهي ولا على أي عضو فى جسمي مما كان يعرضني لحالات انهيار عصبى شديد ونوبات اكتئاب حادة لدرجة أنى كنت أرفض الأكل و العلاج ومع ذلك فقد احتملتني واستوعبت ما مررت به و كانت تأتى كل ساعتين لتغير وضعي حتى لا أصاب بقرح الفراش، أما اخواتي فكانوا يقرأون لي كتب الجامعة ثم بدأوا يكتبونها لي على الكمبيوتر حتى أقرأها بنفسي ورغم كل هذا فلا أكذب عليك بأنني استطعت أن أتجاوز الأمر بسهولة ولكني مررت بحالة يطلق عليها فى علم النفس “كرب ما بعد الصدمة” وتلك الحالة هي التي يمكن أن يتعرض لها أي شخص بعد صدمة كبيرة والتي تجعل الإنسان يمر بـ5 مراحل ما بين إنكار حيث إنه ينكر ما حدث له ثم عنف وهي المرحلة التى تجعله يكون عدوانيا تجاه كل من حوله ثم اكتئاب، وللأسف تلك المرحلة هي الأخطر لأن من يصل إليها إذا لم يكن لديه إيمان قوي قد يبقى بها طوال حياته ثم مرحلة المساومات وهي التى نتحدث فيها مع الله سبحانه وتعالى بأن نطلب منه الشفاء مثلا مقابل أننا لن نفعل شيئا واحدا يغضبه طوال حياتنا، وأخيرا مرحلة قبول الأمر الواقع وبمجرد ما وصل لتلك المرحلة الأخيرة فهو يستطيع بقوة الإرادة أن يخرج من أزمته والحمد لله أن تلك المرحلة لم تستمر معي أكثر من 3 سنوات بعدها بدأت أستوعب ما حدث لي وأخطط لحياتي الجديدة بناء على حالتي.
ماذا كنت تخطط لحياتك الجديدة؟ كما قلت لك أنا لاأستطيع أن أحرك نفسي حتى في الفراش وطبعا كل أصدقائي انشغلوا بحياتهم ولم يعد أحد يسأل عليّ لذا لم يكن أمامي سوى الكمبيوتر ولكني طبعا لاأستطيع استخدامه لأني لا أحرك يدى ، مرة بالصدفة حاولت أن أستخدم ريموت التليفزيون بلساني فنجحت فبدأت أجرب الأمر على ماوس الكمبيوتر ومع الوقت استطعت أن أستخدمه و كان ذلك يوم 15 سبتمبر 2012 ورغم أن الموضوع كان صعب جدا إلا أنني لم أيأس وظللت أحاول حتى تمكنت من الأمر وبدأت اكتب “بلساني وكوعي” وأنشأت صفحة شخصية على الفيسبوك و كونت صداقات جديدة ثم ورد إلى خاطري سؤال وهو أن الله لم يخلقني ليعذبني وإنما أكيد هناك غرض مما حدث لى، فالإنسان عبارة عن جزء بدنى وآخر ذهنى وأنا ليس لدي سوى الذهني ومن ثم بدأت أقرأ فى كتب الفلسفة والدين والأطفال والتاريخ ووجدت نفسي منجذبا بشكل غير طبيعي للتاريخ لدرجة أننى كنت كل ما أعرف معلومة جديدة أكتبها على صفحتي وأذكر أن أول معلومة كتبتها كانت عن أول ثورة قامت فى التاريخ كانت من 4500 سنة وكان تفاعل أصدقائي على الصفحة مع تلك المعلومات كبيرا جدا فقررت أن أنشىء صفحة خاصة بالتاريخ فقط وأسميتها “سليل الفراعنة”.
هل كنت تتخيل أن تحقق الصفحة كل هذا النجاح ويصبح لها متابعون بالآلاف؟ أبدا فأنا كان هدفي أن أوثق بعض المعلومات المغلوطة عند الناس بحكم أنني تعمقت جدا في دراسة التاريخ ، كنت كل معلومة أكتبها أضع مصدرها واسم المرجع لعلها تفيد الشباب والأجيال الجديدة التى ليس لديها وقت للإطلاع يعني مثلا نحن طالما سمعنا ادعاءات اليهود أنهم هم من بنوا الأهرامات وهذا طبعا غير حقيقى فسيدنا إبراهيم عندما زار مصر لأول مرة عام 1700 قبل الميلاد كانت الأهرامات موجودة منذ 1100 سنة ومن ثم كيف لأحفاده أن يقولوا هم من بنوها وهكذا ومع الوقت بدأت الصفحة تتحول من مجرد صفحة للمعلومات التاريخية إلى صفحة استرشادية للسياح والمرشدين السياحيين وطلبة كلية الآداب والأجانب أيضا وثم بدأت أضع عليها فيديوهات أسجلها بصوتي أحكي فيها بعض القصص التاريخية ، كنت كلما أجد مردودا كبيرا على ما أكتبه وأسجله أبحث وأقرأ أكثر وقريبا إن شاء الله سيصدر لي أول كتاب من مؤلفاتي عن تاريخ مصر وهويتها.
ألم تشغل نفسك بعد كل هذه السنوات بالبحث عن علاج لحالتك؟ أخر مرة بحثت فيها كانت سنة 2013 و وقتها عرفت أن الحل في زرع خلايا جذعية وهو أمر أنا لا أقدر عليه سواء صحيا أو ماديا لأن مشكلتي الأساسية في النخاع الشوكي لذا سلمت أمري لله وركزت فيما أقوم به في الصفحة.
ماهي الخلطة السرية للنجاح؟ الخلطة السرية بسيطة جدا جدا وهي عبارة عن إجابة لسؤال وجودي هو الأهم فى حياة كُلَّ منا ألا وهو لماذا أنا على قيد الحياة؟ أو ما هو هدف الله من خلقي؟ أو تبسيطاً ما هو دوري في الحياة فمن خلال الإجابة على هذا السؤال سوف تتضح للسائل الرؤية كاملة, وعليه سيقوم بوضع الخطط والأهداف لتنفيذ تلك الرؤية والتي بتنفيذها سوف يشعر بقيمته وكيانه وذاته, وعليه سوف يسعد لا سيما إذا كان مفيداً لنفسه وللآخرين.
ماهي نصيحتك للشاب العربي الذي يبحث عن طريقه للنجاح؟. جوابي على السؤال الوجودي بصدق وتجرد, كن فاعلاً طيلة الوقت, حاول وجرب ألف مرة, طالما أنك تنوي الخير لك وللغير, واعلم : أن أفضل شخص فى العالم ليس مَن إستطاع تغيير العالم ولكن هو مَن إستطاع أن يعبر حواجز تحدياته اليومية بنجاح. لا يوجد شخص لا يتعلم وإنما يوجد شخص إختار وسيلة التعلم الخاطئة, وإذا صوب إختياره نجح. مَن قرر نزول الملعب عليه أن يتحمل سخافات البعض وليس إنتقاداتهم فقط.
هل تؤمن اننا كحضارة عربية نستطيع ان نعيد امجاد اجدادنا و نعود على قائمة الدول العظمى؟ بكل تأكيد وقولاً واحداً نستطيع, ولكن علينا أولاً أن نضع أيدينا على أسباب تخلفنا, ومن ثم نعالج تلك الاسباب, ثم نستثمر فائض الطاقة الخاص بنا فى البناء لا الهدم, كل ما علينا فعله هو ان نعمل بإخلاص وإتقان وحب كُلَّ في مجاله, ولا يفرض أياً منا وصايته على الآخر , سواء دينيا أو سياسيا او اجتماعيا او فكريا, وبطبيعة الحال علينا أن نكتفي من حالة الإعتصام فى الزمن التى نحياها, ونواكب العصر, ونطبق مبدأ المواطنة لا منطق الجماعة والطائفة والعرق, لكنى نفهم معنى أن الله خلقنا شعوبا وقبائل وأن التعارف المطلوب يكون تفاعل بالأفكار والكلمات لا بالسيف واللكمات.