مواقع التواصل الاجتماعي…عبودية من نوع جديد
أنتَ غير مُلزَم بالدخول في كل تلك المظاهر، والمهام الإضافية التي تحتّم عليك تجاهل جزء كبير من مهامك الأساسيّة وضروريات حياتك، فقط لتوهم نفسك بأنك..
أنتَ غير مُلزَم بالدخول في كل تلك المظاهر، والمهام الإضافية التي تحتّم عليك تجاهل جزء كبير من مهامك الأساسيّة وضروريات حياتك، فقط لتوهم نفسك بأنك لازلت جزءاً من هذه الفئة أو تلك، أو لتُقبَل في جماعة ما، تطلق الصفات والتسميات وفقاً لنظرة منتسبيها الضيّقة، لست مضطراً، ولست بحاجة إلى كل ذلك التصفيق الأعمى من أشخاص تفصلك عنهم مسافات يستغرق تجاوزها أيّاماً..
تسأل نفسك فجأة، من هم؟ من هؤلاء الذين باتوا يقتحمون صفو تفكيرنا، لننساق وراء ما يحبّون، وما يرغبون في سماعه، ما يرضيهم، ما يثير إعجابهم…؟
أين أصرف حياتي، في نيل إعجاب البعض، وكسب تأييد البعض الآخر وموافقته على كلام تافه يدور في داخلي، يُلخصّهُ منشور فيسبوكي كتب في دقيقتين أو ثلاث.. أترانا بتنا عبيداً؟ عبودية من نوع جديد.. أؤمن أنّ كل إدمان، هو عبودية بشكل أو بآخر، تسقط عنده الإرادة، وتتهاوى كل مبادئ ضبط النفس والحكمة..
كذا بتنا. وفوق كل الحبال التي تلفّ رقابنا والمحيطة بمعاصمنا، نلف أنفسنا بحبال جديدة أقوى من سابقتها، وكأن كل القيود الموجودة فعلاً لم تكفنا! تقرأ القليل من السيرة الذاتية، والقليل من الفلسفة الرواقية وشوبنهور، وبضع كتب في علم النفس لفروم، وأنصاف كتب لنيتشه وغيره، لتبقى بعد ذلك مُحبطاً، متشبثاً بأهداب ما قالوه وما علق في ذهنك من كلامهم حتى حفظته مثل اسمك، ورغم ذلك، لا أنت قادر على الإحاطة بتلك الفلسفات واقعاً، ولا أنت قادر على التراجع عنها..
ذلك أن إهمالها هو حلّ لا تقبله نفسك، أنت الذي اعتدت على اعتماد نهايات الأمور، فلا تكفيك الأجزاء ولا يرضيك التوسط.. وهذه هي علّة كل ما تمرّ به…
أنت تعلم أين الخلل، ولا نية لك في تغيير أيّ شيء.. أو لكيلا يأخذ الكلام منحى جلد الذات، يمكن القول إنك ترغب في تغيير شيء ما، إلا أنك تفتقد الأمل، الشغف ربّما… لذا لا تبادر… تحاول محاولاتك كلّها، رفعاً للعتب (كما يقال). دعك من كلّ تلك الثرثرات.. من ذلك الجنون والهوس الذي يبتلع مواقع التواصل ويبتلعنا، ليبصقنا أشباه بشر نحمل في ذواتنا، شبه إنسانية، وشبه إبداع، و شبه نجاح.. وشبه كلّ شيء.
مقالة جميلة
مقال حلو