لا تكن مثل مواعيد عرقوب
من الصفات الذميمة والتي نهى عنها الاسلام وقبحها العرف والمجتمعات (خُلْف الوعد) ، والرجل المسلم والإنسان صاحب الوفاء ورفيع الاخلاق يحرص دائماً على تنفيذ ما وعد حتى لو كان الأمر فيه مشقة عليه.
ذكر القصةَ الشاعرُ كعبُ بن زهير في قصيدته الشهيرة في مدح النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – والتي كان مطلعها:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُثمّ قال:وَلاَ تَمَسَّكُ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ إِلاَّ كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلاَ يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ إِنَّ الْأَمَانِيَّ والْأَحْلامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الْأَبَاطِيلُو
و قال الأشجعي: وَعَدْتَ وَكَانَ الْخُلْفُ مِنْكَ سَجِيَّةً مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِبِ.
من الصفات الذميمة والتي نهى عنها الاسلام وقبحها العرف والمجتمعات (خُلْف الوعد) ، والرجل المسلم والإنسان صاحب الوفاء ورفيع الاخلاق يحرص دائماً على تنفيذ ما وعد حتى لو كان الأمر فيه مشقة عليه.
وقد كان لصاحب المثل اليوم قصة مع شقيقة في خلف الوعد والإخلال بالقول، فصار مثلاً ومضرباً بين الناس في تلك الصفة، وقد ضمه الشعراء في أبياتهم، وصار مفضوحاً بين الناس، فمنهم من قال:
وعدت وكان الخلف منك سجية * مواعيدَ عرقوبٍ أخاه بيثرب
يحكى أنه كان هناك رجل يهودي من يثرب يضرب به المثل في الكذب، وخلف الوعود، وفي مرة أتاه أخوه في طلب له، فقال له عرقوب، وقد كان لديه نخلة يزرعها: حينما تثمر النخلة سأعطيك طلعها، فلما أثمرت النخلة عاد أخوه إليه مرة ثانية يطلب ما وعده به عرقوب، فما كان من عرقوب الكذاب إلا أن قال له دعها حتى تصير بلحاً.
فلما أبلحت رجع إليه الأخ مرة ثالثة يسأله عما وعده به، فماطل عرقوب أخاه قائلاً: له دعها حتى تصير زهواً، فانصرف أخوه وعاد لما زهت يسأله عن ثمر النخلة، فقال له عرقوب: دعها حتى تصير رطباً، وانتظر الأخ مرة أخرى، ولما أرطبت الثمار ذهب يطلبها، ولكن عرقوب الماكر طلب منه أن يدعها حتى تصير تمراً، فلم يملك الأخ سوى الانتظار حتى يأتي عرقوب بما وعد، ولكنها لما أتمرت، صعد إليها عرقوب ليلاً، وجمع تمرها، ولما عاد الأخ لم يجد في النخلة شيئاً.
بعدها صار عرقوب مضرباً للمثل بوعده أخاه وأخلف أكثر من مرة، فهو لم يخلف لأمر خارج عن يده، بل عمد إلى ذلك وقصد الخلف بالوعد، ومن الشعراء من قال عنه:
أمنجزٌ أنتمُ وعداً وثقت به * أم اقتفيتم جميعاً نهجَ عرقوب