كورونا اللعين..يلي كاتبه الله رح يصير
من الأفكار السائدة لدى الناس، و التي تستردّ تجلّيها بصورة أقوى و أوضح في كل أزمة أو ضائقة،سواءً أكانت حرباً أم جائحة أم انهيار اقتصادي أم مجاعة….
من الأفكار السائدة لدى الناس، و التي تستردّ تجلّيها بصورة أقوى و أوضح في كل أزمة أو ضائقة،سواءً أكانت حرباً أم جائحة أم انهيار اقتصادي أم مجاعة….. الخ، هي تلك التي يُعبَّر عنها بمقولة : ما كتبه الله و قَدَّره سيحدث، أو بالعاميّة :
(يلي كاتبه الله رح يصير)، و في كلّ مرّة تحاول فيها، إخبار مَن هُم حولك، بأنّ الاحتياط واجب والحذر ضرورة، و أنّ بعض الأمور، تحديداً تلك التي تكون خارج سيطرة الإنسان، لا ينفع معها الاستهتار والتهاون، يفاجئك أحدهم بسرد بطولاته و كيف أنّه نجا من الموت مئات المرّات، و يخبرك غيره بأنّ الدعاء كفيلٌ برفع البلاء، و كيف شُفيت جارته من مرض لازمها طوال حياتها، فقط، بالرقية الشرعية!.
يخبرني سائق سيارة الأجرة قبل عدة أيّام، أنّ “الشعب نظيف”، فلا خوف..!، ثمّ يضيف أنّ الله “يُحبّنا” لذا لن يُضرّنا..
و حتى هذه اللحظة، و أنا أتساءل من أين جاء بهذين الاستنتاجين؟
أما أحد الأساتذة في الجامعة “البروفيسور”، ينشر منذ بدء الحظر على صفحته الفيسبوكيّة، نظريات المؤامرة و كيفية اختراع هذا الفايروس، والتَبعات السياسية والاقتصادية لذلك، و المضحك في الأمر، أنّه يستخدم كل المصطلحات “الفخمة” والتعابير المنمَّقة(الجيوسياسية، الرومنطقية،………)، لإضفاء طابع أدبي يُوهم القارئ بأنّ ما يكتبه من تحليلات غبية، قائم على دراسات عميقة و “خلفية” ثقافية تفوق الوصف، و المؤسف أنّ شريحة واسعة من الطلاب تتابعه، و أنّ فئة كبيرة منهم تأخذ كلامه على محمل الجدّ والتصديق، بحكم أنّه دكتور خرّيج بريطانيا!.
تستحضرني جملة، تُنسب إلى الكاتب الإغريقي (آيسوب)، يقول فيها وبما معناه، أنّ الآلهة حتماً ستعين أولئك الذين أعانوا انفسهم، بمعنى أنّه لا فائدة من انتظار السماء وتأمّلها، إذا حلّت المصيبة!، و أنّ ما ستجود به الآلهة، هو في الأصل ما يجود به الإنسان نفسه على نفسه، لكنّ الحاجة العاطفيّة للامتنان و الاتّكال فضلاً عن الضعف والخوف، كلّ ذلك، يعيد الأوهام والخرافات إلى المقدمة جاعلاً منها أساساً في علّة ونتيجة كل شيء.
إنّ الاستخفاف المفرط بجائحة لا تميّز هذا من ذاك، و التوّهم بأنّك مُستثنى منها، سيكلّفك، و مَن حولك، الكثير، فالجهل أسوأ من أيّ وباء.