صلاح الجودر…البحرين الجميلة يسود فيها ثقافة التعايش السلمي والتسامح
صلاح الجودر شيخ جامع قلالي وهو كاتب صحفي وهو مؤلف لعدد من الكتب الثقافية والتاريخية والإجتماعية.
عندما تعرف البحرين جيدا ستعرف أنها جزيرة جميلة لما فيها من تنوع بشري جميل، مسلمين ومسيحيين ويهود وهندوس وبوذا وبهائيين وسيخ وبهرة وغيرهم من الديانات والمذاهب والثقافات.
ستتعرف أيضاً على مساجدها وحسينياتها وكنائسها ومعابدها ودور العبادة وغيرها من الشعائر التي تمارس على مدار العام.
ولكن الذي لا يراه الجميع هو ذلك الإنسان صاحب القلب الكبير، صلاح الجودر.
صلاح الجودر شيخ جامع قلالي وهو كاتب صحفي وهو مؤلف لعدد من الكتب الثقافية والتاريخية والإجتماعية. والأهم إنه ناشط من أجل سعادة البحرين بتنوعها الثقافي. ونشاطاته المتعددة تمخض عنها مع جوه الخير في تأسيس “مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي”.
كتب ذات يوما صلاح الجدر في أحدى مقالاته متسائلاً لما المجتمع البحريني يصر على التعايش؟ وإن كان إصرار البحرينيون على تحقيق المحبة حقيقية فهل هي طاريئة أم نابعة من عمق التاريخ البحريني؟
جاء في المتخيل الأسطوري عن البحرين: أن هذه (الأرض المقدسة الطهور التي لا ينعق فيها غراب، ولا يفترس فيها أسد)، وجاء كذلك عن المنذر بن ساوي التميمي حاكم البحرين آنذاك في خطابه للنبي صلى الله عليه وسلم:
(أما بعد، يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود)،
ففي المتخيل الأسطوري الذي قارب الخمسة آلاف سنة والأثر الإسلامي لأكثر من ألف سنة نستشعر مستوى التعايش على هذه الأرض التي كانت في فترة من الفترات عاصمة الحضارة الديلمونية وموئل كل الديانات.
البحرين في تاريخها الحديث تقف عند محطتين تاريخيتين مهمتين، الأولى في عام 1970م، وتعتبر ذكرى قيام الدولة والدستور والاعتراف الدولي بأنها دولة عربية إسلامية ذات سيادة وطنية، والثانية في عام 2001م، و هي ميثاق العمل الوطني والمشروع الإصلاحي والتوافق الوطني.
البحرين التي نعيشها ونتعايش فيها هي تلك التي تتمتع بتعددية دينية جميلة، فهي ليست للمسلمين فقط، بل لكل المواطنين باختلاف أديانهم ومذاهبهم وثقافاتهم، فقد تميز هذا المجتمع منذ القدم مروراً بالدولة الخليفية (1783م) والدولة الحديثة (2001م) بنوع من التجانس والترابط بين أفراده، مواطنين ووافدين، وجاء الدستور والقوانين المنظمة لتؤكد على هذه الصورة الإنسانية كما جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
تشهد العاصمة الجميلة (المنامة) تنوع ديني، ففي محيط الكيلومتر الواحد من باب البحرين إلى حارات منها حارة الفاضل وحارة كانو وحارة الحطب وحارة الحمام وحارة العوضية وحارة المخارقة وحارة الذواودة وحارة رأس رمان ووحارة الحورة وغيرها.
ترى تلك المساجد والجوامع والحسينيات ومعها كنائس للكاثوليك والأرثوذكس والإنجيلية والأقباط التي يعود البعض منها إلى أكثر من مائة عام، بالإضافة إلى الكنيس اليهودي الذي يعود إلى العام 1930م، ومعابد للهندوس والتي بلغ أحدهما 200 عام، ودور عبادة للبهائيين والبوذا والبهرة، ومعبد للسيخ والذي يعتبر الوحيد في شبه الجزيرة العربية وغيرها، ويمكن مشاهدة شعائرها الدينية من خلال (الروزناما الدينية السنوية) وممارساتها في ذكرى المولد النبوي وذكرى عاشوراء وعيد الميلاد وعيد الغفران والهولي وغيرها، إن تلك الشعائر مصونة من الدولة وتحت رعايتها وفق نصوص الدستور.
لقد تعززت تلك الصورة التسامحية والتعايشية بالمجتمع البحريني مع تولي جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في العام 1999م، فبدأت نسائم العهد الجديد ترى في كل مكان حين يشارك أتباع الديانات والمذاهب والثقافات في بناء الدولة الحديثة رغم ما تواجهه المنطقة من تحديات إرهابية وعنفية قادمة من الشرق، فأصبحت البحرين موطناً للتعايش ومركزاً للحضارات الإنسانية، وهي خصوصية بحرينية، وقوة ذاتية دافعة لبناء مجتمع آمن مستقر.
لم يكن للبحرين وشعبها من بلوغ هذا المستوى من التعايش والتسامح لولا القراءة الصحيحة لرسالة الأديان السماوية، الإسلام والمسيحية واليهودية، التي تعود في جذورها إلى أبو الأنبياء (إبراهيم عليه السلام)، التي تدعو للتعارف والتعاون والعمل المشترك، وأن جميع البشر يعودن في خلقتهم إلى أبيهم آدم الذي خُلق من تراب!!.
البحرين في العهد الجديد أصبحت أنموذج لهذه القيم الإنسانية الراقية، ويمكن لكل القيادات الدينية في العالم مشاهدة تلك القيم من خلال زيارة واحدة إلى البحرين لؤلؤة التعايش والتسامح وقبول الآخر.