العزلة أو كورونا حياتنا تتفكك في مجتمع موبوء
أغلبنا قرأ في شبكات السوشال ميديا مقتطفات من رواية “أعين الظلمات” التي نشرت في عام 1981 بقلم الأمريكي دين كنوتز
(و. 1945) والذي ذكر في تلك القصة الخيالة أنه سيكتسح العالم وباء في عام 2020
من مدينة وهان الصينية وأطلق على الوباء اسم ‘Wuhan-400’ .
نحن مذهولون من توافق خيال دين كنوتز بالواقع. يتساءل البعض، مستعينا بنظرية المؤامرة، عن خيوط التوافق
الغريب هذا مع أي جهة يتصل؟
فيروس كورونا ظهر في مدينة وهان الصينية وبسرعة انتقل عبر خطوط الطيران من بلد الى آخر حتى تحول
الى وباء كوني.
يبدو أننا شئنا أم أبينا بدأنا جميعنا كما لو ندخل في ثنايا فلم خيال علمي. أصبحنا جزء من رواية خيال
مؤلف نفقد سيطرتنا على واقعنا كل ما دخلنا في تفاصيل هذه الرواية المثيرة والمقلقة. كأننا شخوصات في فلم إيثاري في السينما لكننا لسنا المشاهدين بل الممثلين.
حياتنا تتفكك في مجتمع موبوء. فمن أجل العافية ترك الإنسان مصافحة الإنسان. ومن أجل الصحة هجر
الإنسان أماكن مكتظة بأناس آخرين. العزلة هي الأمان. البقاء خلف جدران المنزل أكثر أمانا من خارجه.
ما لجديد؟ إن الفلسفة الفردية وطبيعة مسارات الرأسمالية بنسختها الراهنة واحتدام أدوات التواصل الرقمي
كنا عوامل تدفعنا نحو العزلة قبل كورونا. ولكن كلا هناك جديد آخر مع عزلتنا بفعل كورونا. الاقتصاد بدأ يتأثر. الطلب على النفط والغاز انخفض لأن عجلة الصناعة الصينية تباطأت عندما جلس الناس في بيوتهم.
صادرات الصين نحو العالم أيضا تراجعت. واستثمارات المستثمرين الدوليين في الصين محل محك. إيطاليا
تتأثر وفرنسا وألمانيا تتساءل مما معنى كل هذا؟
إنني أميل الى الاعتقاد بأن الإنسان أخطأ كثيرا بانشغاله في توظيف طاقته وأمواله وعقول بناته وأبنائه في صناعة أبشع الصواريخ المدمرة وأكثر الطائرات سرعة وفتكا وأوسع القنابل للبشر فناءا. لم نكترث بتطوير عقل الإنسان. ولا بتطوير ثقافته ولا بتهذيب سلوكياته ولا بالاستثمار في الأدوية النافعة.
لم نكترث بسلوك الطعام الغريب والمقزز الذي يتناوله البعض في أنحاء العالم. لم نبعث دبلوماسيتنا وخبرائنا للتحدث مع الثقافات القاطنة في القرية الكونية لشرح مخاطر السلوك الطعامي غير الصحي عليهم وعلينا ما
دمنا نقطن قرية صغيرة واحدة ومكتظة بفعل طاقة خدمات السفر والطيران. كنا (وما زلنا) أنانين وغير معنين بما يحصل في بيتنا الكرة الأرضية الى درجة عدم الاكتراث. فرطنا بحلمنا من أجل بيت من عالم سعيد. وهذا
نحن، نتيجة عدم اكتراثنا ونتيجة أخطائنا في وضع مصادرنا المادية والعقلية والإبداعية في خانات خاطئة، ندفع ثمن غضب الطبيعة في وجهنا. احتباس حراري، عواصف، فيضانات، جفاف، جرادا، فيروسات. نحن
بحاجة الى شجاعة لمواجهة كل هذا. نحتاج الى فتح منصاتنا الاجتماعية (الرقمية) للتحدث فيما بيننا حول
تشخيص ما يحصل في زماننا وكيف يمكن أن نساهم في تغيره إيجابيا