من الذي قتل عبدالوهاب؟
فمن الذي قتل عبدالوهاب، لم يكن احد يستطيع الاجابة ابدا، بل كان بعضهم يشك في موته اصلا، وكان بعضهم رغم مرور كل هذا الوقت يدعي انه قابله ليلا، بل كان بعضهم يدعي ان دكان حاج الفاضل الذي سرق ليلة البارحة لم يسرقه الا عبدالوهاب،
فمن الذي قتل عبدالوهاب، لم يكن احد يستطيع الاجابة ابدا، بل كان بعضهم يشك في موته اصلا، وكان بعضهم رغم مرور كل هذا الوقت يدعي انه قابله ليلا، بل كان بعضهم يدعي ان دكان حاج الفاضل الذي سرق ليلة البارحة لم يسرقه الا عبدالوهاب، وان من شرط فم كلب حاجه كلثوم المسعور هو ذاته عبدالوهاب، اشياء غريبه جدا ما زالت تحدث في هذه البلدة،
كنت اذكر جيدا عندما رفع بيده اليسرى حجر الرحى وباليد الاخرى يتعامل مع اللب والفول السوداني كأنه يؤانس رب عمله حاج الفاضل، واذكر ايضا عندما توحل جرار القرية في ذلك المستنقع الخريفي عمل عبدالوهاب على سحبه كأنه يسحب سخلا مريضا، كان رجلا قويا حد الفزع ، فمن الذي قتل عبدالوهاب.
كانت عطلة نهاية العام الجامعي عندما اتسقت مواعيد قريتنا القديمة ونحن نستذكر احداثنا التي تركناها نيئات في وطن الطفولة ، اشباحنا ..احلامنا ، لعب الظلال ، خطاب هجرة العصافير ، لهيب الصيف ، الشوارع التي تسلم علينا ، جلسات السمر الموبوءة بالحنين وانتباه القمر ، الحواشات وحكاياتها القديمات..
كل هذا واكثر دائما يطوف بالذاكرة ونستدعيه كلما وهنت خطانا عن المسير ليشحذها فتمضي على أحصنة الميعاد، في تلك الجلسة التي رسخت في جبهة التاريخ رتبنا كل هذا من جديد، اعني جلسة طهو الفول السوداني على مواقيد تبنه،( حريق الفول )،
ما اجملها ما أروعها ..شذبنا المواعيد وضفرنا آنية الوجد ثم تبتلنا على صليل الاحجيات ونادمتنا قداسة الافئدة العروج ،
تحدثنا كطليعة قرية تفتش عن خطاها التي تحلم ببعض التمدن ، بئر الماء المعطوبة ثم مشروع الطاحونة الذي يجب ان تتبناه الجمعية التعاونية، والكهرباء، هنيهة وتغزل انسنا عصافير النثرة ذلك النوء الخريفي البديع تعرفه الضفاف ويعرفه شبه الاستواء كجنين في بطن امه، إنها أبهة الوقت المقدس وجديلة الغيم، ونسيمات الصعيد الرطيبات يغسلن الجوى من وحل الأخاديد الكسيحة،
ثم عدنا والغروب على تلال الروح ووهج القديم يرتحل ببطئه المعهود، حتى إذا حازينا قبور الموتى، وجدنا الجثة فرط المفاجأة وهول الحدث شل قدرتنا على الحركة وقيد منا الألسن وتسمرت العيون في المشهد الدامي، اجتزنا الهنيهة لكنا لم نستطع الادراك.اجل أجل، إنه عبدالوهاب
القرية صمتت ، واصبحت القضية كأنها طائف جبري على خواطر حتى الاطفال ، الاحاديث ممنوعة ، التكهنات ممنوعة ، الصراحة ممنوعة، حتى المحققون عجزوا عن استنباط اية معلومة، لانه لم يكن احد يستطيع البوح بحقيقة عبدالوهاب، الاجيال اللاحقة لم يتح لها معرفة شيء عنه ، ولكنه توطن ذاكرة معاصريه سنينا بعد موته، وعندما يذكر كان الجميع يطأطئ الرأس كأن فضيحة ناصلة جلدته،
فترى من الذي قتل عبدالوهاب.