قصص من العصر الجاهلي

يحكي أنه كان ثلاثة من قطاع الطرق في العصر الجاهلي، وهم مالك ابن الرّيب وشظاظ وأبو حردبة وقد اتفقوا يوماً على أن يقوموا بالسَّطو على ممتلكات من يمر بطريقهم، فحط الثلاثة رحالهم على طريق يمر منه التجار، و بدأوا ينتطرون من يمر

اسفل الخبر

يحكي أنه كان ثلاثة من قطاع الطرق في العصر الجاهلي، وهم مالك ابن الرّيب وشظاظ وأبو حردبة وقد اتفقوا يوماً على أن يقوموا بالسَّطو على ممتلكات من يمر بطريقهم، فحط الثلاثة رحالهم على طريق يمر منه التجار، و بدأوا ينتطرون من يمر ؟ وطال انتظارهم للعابرين. ولمَّا أعياهم الانتظار أخذوا يتجاذبون أطراف الحديث فيما بينهم لتمرير الوقت.

قال أبو حردبة:- لقد أصابنا التَّعب، هيا نَـنَـم!

فرد عليه مالك :- كلا يا رجل فربما ونحن نيام يهاجمنا جند مروان فجأةً.

قال شظاظ : ولكن ماذا نفعل فقد مللنا وتعبنا؟

رد مالك : حسناً دعونا نفكر في فعل شئ حتى نقضي هذا الوقت.

فرد عليه أبو حردبه: فلتستمعوا إليَّ فأنا لديّ فكرة جيدة أعتقد انـها سوف تعجبكم.

مالك :هات ما عندك لنرى.

أبو حردبه: ما رأيكم لو استغلنا انتظارنا هذا في قَصِّ الحكايات عن السّرقات التي قام بها كل واحد منا؟

قال شظاظ : حسناً أعجبتني الفكرة هيا فالنبدأ.

فرد مالك : فلتكن أنت البادئ يا أبا حردبة.

أبو حردبه: كنت في أحد الفترات أنتمي إلى جماعة، وكان من ضمن المجموعة رجل يركب جملاً  أعجبني كثيراً! فقررت أن أسرقه منـه، وبالفعل ظللت اتتبع الرجل وأراقبه إلى أن نام، فأخذت الجمل وكان مازال يركبه وتوجهت إلى مكان خالٍ بعيدٍ عن أعين الناس، وأنزلته من الجمل وكبلته بحبلٍ حتى أنه لم يستطع إدارة رأسه نحوي!

 أخذت الجمل وخبأته ثـم عدت إلى الجماعة وكأن شيئاً لم يحدث! فوجدتهم يبحثون عن الرجل المختفي والقلق بادٍ على وجوههم، فـأظهرت أنني جاهل بما يحدث، وسألتهم ما الذي يحدث فأخبروني بما صار من اختفاء صاحبهم، وهنا أخبرتهم بأني أجيد تقفي الأثـر وبالفعل خرجت ابحث معهم متقفياً اثر الراحلة إلى أن وصلنا إلى الرجل حيث هو مقيدُ، فسأله أصحابه ما فُـعِـلَ بك يارجل؟ فأخبرهم بأنه كان نائماً وفجأةً خرج عليه خمسون رجلًا وأخذوه وتقاتلوا فغلبوه، وعندما كان يقص عليهم كذبته كنت أنا أضحك بيني وبين نفسي وتركتهم متأسفين عليه وذهبت لآخُـذَ الجمل بما حَـمَل.

عاد أبو حردبة ليسأل مالك وشظاظ أن يقصوا أحد حكايات سرقاتهم فقال مالك أنه مازال يفكر أما شظاظ فطلب من أبو حردبة أن يقص قصة أخرى من حكاياته حتى يتذكر حكاياته.

أبو حردبه: كنت في أحد الأيام جالساً على قارعة طريق، فَمَـرَّ عليَّ رجل ومعه ناقةٌ وجمل، وكان هو يركب على النّاقة ويجر الجمل خلفه، فجاءتني فكرة أن أسرق له تلك الناقة فرحت أراقبه حتى نام فأخذت الجمل وابتعدت فاستفاق الرجل ولاحظ اختفاء الجمل فاضطر للنزول من على الناقة كـي يبحث عن الجمل فتقدمت وحللت قيدهـا وركبتها ورحلت.

شظاظ فالتقص علينا إحدى قصصك.

شظاظ :كنت أسير في أحد الايام وأبحث عن ما يمكن سرقته ولكن لم أجد شيئاً أسرقه، وبينما أنا كذلك، إذ مر بي رجل يركب حماراً فأوقفته وأخبرته أن الارض التي سيمر بها يخسف فيها بالدواب، فلم ينصت إلي ولم يصدقني، وذهب في طريقه وأنا أتعقبه، إلى أن نزل ليستريح، فـنام!  فتقدمت وأخذتُ الحمارَ وقطَّعْتُ طرف ذنبه وأذنيه ودفنت أذني الحمار وذنبه في الأرض وانتظرتُ لأراقب ما يحدث، حيث استيقظ الرجل وبدأ في البحث عن حماره إلى أن لاحظ الأذنين والذنب فبدأ يحدث نفسه وهو يقول لقد حذرني الرجل ولكني لم استمع إليه و خاف أن يخسف به كالحمار ففر هاربًا، فقصدتُ مكانه وأخذت متاعه الذي تركه والحمار ورجعت إلى أهلي.

أبو حردبة: يا لك من ماكر يا رجل!

شظاظ : ماذا عنك يا ابن الرّيب ألن تقص علينا إحدى قصصك؟

مالك : بالطبع سأقص! فـي إحدى الليالي المظلمة، غاب فيها القمر عن الأرض، جلست أراقب السَّماء حتى تمر غيمة ولكن ما حدث هو ظهور شبح.

ابو حردبة وشظاظ: ماذا .. شبح؟.

مالك : نعم شبح.

أبو حردبة: حسناً ومـاذا بعـد؟

مالك : أصابني الذهول والخوف في البداية ولكني بدأت في لملمة  شتاة أفكاري، و تأكدت من وجود سيفي في مغمده، فأخرجته  وهاجمت هذا الشبح وطعنتـه فـي صـدره.

شظاظ : ماذا؟ في صدر الشبح؟.

مالك : لا!

أبو حردبـة: ماذا؟ ومن طعنت إذاً؟.

مالك : بالأساس لم يكن ما رأيت شبحاً ولكنه كان رجلاً أسود اللون، كمـا أنني قرضت فيه شـعـراً.

شظاظ :ماذا قلت ؟

أبو حردبة: هيا أخبرنا ما قلته فيه؟

مالك : لقد قلت،

يا غاسلًا  تحت الظلام مطيةً

متخيّلًا لا بل و غير مخايلٍ

إني أنخت لشائكٍ أنيابه

مستأنساً بدجى الظلام منازلٍ

يقظ الفؤاد إذا القلوب تآنست

جزعًا ونبّه كل أروع باسلٍ

فوجدته ثبت الجنان مشيعًا

بركاب منسج كل أمرٍ هائلٍ

أبو حردبة: ما أجمل كلماتك!

شظاظ : أحسنت, هلا أمتعت سمعنا بالمزيد؟.

مالك : كنت في أحد الليالي نائماً في مغارتي ولكن دخل علي ذئب، فصحت به إلا أنه ظل كما هو فهاجمته بسيفي وقتلته.

شظاظ : وقرضت فيه الشعر ؟

مالك : نعم ، لقد قلت.

أذئب الغضا قد صرتَ للناس ضحكةً

تفادى بك الركبان شرقًا إلى غربِ

فأنت وإن كنت الجريء جنانه

منيت بضرغامٍ من الأسد الغلبِ

بمن لا ينام الليل إلا وسيفهُ

رهينة أقوامٍ سراع إلى الشعبِ

أصول بذي الحدين أمشي عرضنه

إلى الموت والأقران كالإبل الجربِ

أرى الموت لا أنحاز عنه تكرّمًا

ولو شئت لم أركب على المركب الصعبِ

أبو حردبه:- كم أن شعرك جيد!

شظاظ : لقد أتلفت شِعرك في الطرقات يا هذا!

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. محمد يقول

    مالك بن الريب و رفاقه كانوا في فترة الاسلام و لم يكونوا في الجاهلية، و قد ذهب مالك في جيش سعيد بن عثمان بن عفان غازيا في سبيل الله بعد توبته
    يقول:
    ألم ترني بعت الضلالة بالهدى
    و أصبحت في جيش بن عفان غازيا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد